بسم الله الرحمن الرحيم
الإخلاص مسك مصون في مسك القلب ينبه ريحه على حامله العمل صورة والإخلاص روح إذا لم تخلص فلا تتعب لو قطعت سائر المنازل لم تكن حاجا إلا بشهود الموقف ولا تغتر بصورة الطاعات فإن خصم الإخلاص إذا جاء عند حاكم الجزاء ألزم الحبس عن القبول.
سوق الإخلاص رائجة رابحة ليس فيها كساد المخلص يعد طاعاته لاحتقارها عرضا وقلم القبول قد أثبتها في حيز الجوهر المخلص مبهرج على الحق بستر الحا...ل وببهرجته يصح النقد.
لما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة جمال الخمول من حلة حلية " أويس " عمل معول الشوق في قلب " عمر " فكان في كل عام ينشد بلفظ الطالب ويسأل عن أهل اليمن.
ألا أيها الرَكبُ اليَمانونَ عَرَجوا عَلَينا فَقَد أَمسى هوانا يَمانيا نِسائِلُكُم هَل سالَ نِعمانُ بَعدَنا وَحُبَّ إلينا بَطنُ نِعمانَ وادِيا فلما لقيه " عمر " قال: من أنت قال: راعي غنم وأجير قوم وستر ذكر " أويس ".
الأولياء تحت ستر الخمول ما يعلمهم إلا قليل فإن عرفتهم بسيماهم فتلمح نقاء الأسرار لا دنس الثياب (وَلا تَعدُ عَيناكَ عَنهُم).
كان في " أيوب السختياني " بعض الطول لستر الحال وكان إذا تحث فرق قلبه وجاء الدمع قال: ما أشد الزكام!.
أَفدي ظِباءَ فُلاةٍ ما عَرَفنَ بِها مَضغَ الكَلامِ وَلا صَبغ الحواجِبِ كان " إبراهيم بن أدهم " إذا مرض يجعل عند رأسه ما يأكله الأصحاء كيلا يتشبه بالشاكين.
هذه والله بهرجة أصح من نقدك.
قَد سَحَبَ الناسُ أّذيالَ الظُنونِ بِنا وَفَرَّقَ الناسُ فينا قَولَهُم فِرقا فَكاذِبٌ قَد رَمى بِالظَنِ غَيرَكُمُ وَصادِقٌ لَيس يَدري أَنّهُ صَدَقا للمؤمن في إخلاصه أحوال يتصدق بيمنيه فيخفيها عن شماله.
كان " النخعي " إذا قرأ في المصحف فدخل عليه داخل غطاه.
وكان " ابن أبي ليلى " يصلي فإذا دخل عليه أحد نام على فراشه.
قال " الحسن " كان الرجل تأتيه عبرته فيسترها فإذا خشي أن تسبقه قام من المجلس.
باحَ مَجنونُ عامِرٍ بِهواهُ وَكَتَمتُ الهَوى فَمَتَّ بِوجدي سحقت نافجة مسك المحبة فبثت في محاريب المتعبدين وليس كل ثوب يعلق به الطيب " رب قائم حظه السهر ".
كما من مراء يتعب في تهجده فتفض ريجح الرياء أوراق تعبده فتبقى أغصان العمل كالسلا وليس للشوك نسيم (فَلَو صَدَقوا اللَهَ لَكانَ خَيرا لَهُم).
إذا بهرج المنافق على عمل المخلص فماجت أراييج النفاق القلوب لجيفته فذهب عمله جفاء.
واعجبا من أهل الرياء! على من يبهرجون (وَرَبُكَ يَعلَمُ ما تَكِنُ صُدورُهُم) غلب على المخلصين الخشوع فجاء المرائي يبهرج فقيل: مهلا فالناقد بصير لما أخذ دود القز ينسج جاء العنكبوت يتشبه فنادى لسان الحال الفاروق: إِذا اِشتَبهت دُموعُ في خُدودٍ تَبينَّ مَن بَكى مِمَّن تَباكى).
الإخلاص لله - تعالى- هو أن يكون العمل لله وحده لا شريك له، والإخلاص لله –تعالى - درجات، فالذي يُقاتل لتحرير بلاده من الكفّار الذين اغتصبوا دياره، ليس كالذي يُجاهد الكفار لأنهم أعداء الله قبل أن يكونوا أعداءه وما اغتصبوا دياره لا لشيءٍ إلا لأنه مسلم، ويجاهد لتكن كلمة الله هي العليا، فالأخير هو المُخلص لله تعالى.
والإخلاص لا يكون إلا من نفس جُبلت على الصدق والأمانة والوفاء بالعهد، فالذين جُبلت أنفسهم على الكذب أو المُهادنة أو الرياء والذين يتفانون في حب المظاهر لا يستطيعون أن يكونوا مخلصين، هؤلاء جبلت أنفسهم على الكذب والخداع حتى إن أحدهم ليزداد كذباً وخداعاً فيخدع نفسه.
ومن الإخلاص معرفة الأمانة ولزومها، فأمين المخزن الذي يُحسن ترتيب بضائعه فلا يتلفها التخزين أكثر أمانة من الذي يكتفي بعرف مواقع البضائع في المخزن، وهذا أكثر أمانة من الذي يكتفي بحراسة المخزون، ورب الأسرة الذي يتحرى الحلال في لقمة عيشه أكثر أمانة في تربية أبنائه من الذي يكتفي بتعليمهم أصول الدين.
الإخلاص لله تعالى هو ثمرة جهاد لنفس بدون هوادة ليلاً ونهاراً.
الإخلاص لله تعالى درجات لا يرتقيها إلا من فتح الله على بصيرتهم وهداهم بثمرة استغفارهم ودعائهم ورجائهم الله تعالى.
أخي في الله: هل ستجاهد نفسك وتزكيها فتكون من المخلصين لله تعالى؟
أم ستتركها على هواها فتسوقك لتكون مسخوطاً تندس في لحكمك وعظمك ودمائك الخيانة والكذب والنفاق !!
وأرجو ممن قرأ هذه الرسالة أن يكرر دعاء الله لي ويقول:
يا الله يا مالك الملك، يا ذا الجلال والإكرام، أمدد عبدك أبا عمر بجندك، وأمدده بالعز والتقوى والعلم والقوة والنصر وأكشف على بصيرته وأفتح عليه فتوح العارفين.
{وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} الشعراء.
منقول